ad

مدونة ام النور ترحب بكم منتدي ابونا مكاري

3

الثلاثاء، 4 سبتمبر 2012

الخطية موت


الخطية موت

الخطية


" الخطية إذا كملت تُنتج موتاً "(يع15:1)
ما هو الموت؟ هو خروج الروح من الجسد، وفي هذا يقول مُعلمنا داود النبيّ: " تَخْرُجُ رُوحُهُ فَيَعُودُ إِلَى تُرَابِهِ " (مز4:146، إلآَّ أنَّ هناك موتى من نوع آخر وهم موتى الخطية، هؤلاء هم الذين يستحقون أن نبكي عليهم أكثر من موتى الجسد، لأنَّه كما قال القديس أُغسطينوس:
" من يبكي على الميت كمن يصرخ بدون جدوى، على نوافذ مسكن ليس فيه من يسمع، أمَّا من يبكي على موتى  الخطية  فقد يستجيب الله لدموعه ويُقيم تلك النفس الساقطة، ويُنهضها وإن كانت قد ماتت من سنين ".
فالخطية هى حالة موت بكل ما تشمله كلمة موت من معنى:
أولاً: موت روحيّ
ملايين من الناس يُقاسون الموت الروحيّ، فإذا تصفحت أية جريدة يومية، لقرأت عن أولئك الذين تشهد حياتهم بأنهم ضالون، لقد خلقوا ليحيوا مع الله، لكنَّ  الخطية  فصلتهم عنه، هذا موت روحيّ، ولهذا نجد في مثل الابن الضال عندما عاد الابن إلى أبيه، قال الأب متهللاً: " ابْنِي هَذَا كَانَ مَيِّتاً فَعَاشَ وَكَانَ ضَالاًّ فَوُجِدَ " (لو24:15)، فوصفه في حالة  الخطية  بأنَّ كان ميتاً، ولم يُصبح حياً إلاَّ بعد رجوعه.
والقديس بولس الرسول يقول عن الأرملة المتنعمة أنَّها: " قَدْ مَاتَتْ وَهِيَ حَيَّةٌ " (اتي6:5)، كما يقول عنَّا جميعاً: " وَأَنْتُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَمْوَاتاً بِالذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا " (أف1:2)، " وَنَحْنُ أَمْوَاتٌ بِالْخَطَايَا أَحْيَانَا مَعَ الْمَسِيحِ " (أف5:2).
وعندما أخطأ ملاك (راعي) كنيسة ساردس، أرسل إليه الرب رسالة على فم القديس يوحنا الحبيب، يقول له فيها: " أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ، أَنَّ لَكَ اسْماً أَنَّكَ حَيٌّ وَأَنْتَ مَيِّتٌ " (رؤ1:3)، نعم هو حي بالجسد الذي يأكل ويشرب ويتحرّك.. ولكنَّه ميت بالروح التى انفصلت عن الله بأفعالها الأثيمة، وفي هذا إعلان أنَّ الحياة الحقيقية هى حياة الروح، لأنَّ الجسد سيأتي عليه يوم ويفنى.
يقول القديس أُغسطينوس 
" كما يموت الجسد عندما تفارقه النفس، كذلك تموت النفس عندما تنفصل عن الله، ولكن هناك فرقاً بين موت الجسد وموت النفس، فموت الجسد محتوم أمَّا موت النفس اختياريّ، فالخاطيء إذاً ميت مهما ظن أنَّ حي وأنَّه يتمتع بالحياة ".
ولكن بين موت الجسد وموت الروح فرقاً عظيماً! فموت الجسد محتوم لا مفر لإنسان منه، أمَّا موت الروحفهو اختياريّ، بيدي أن أُميت روحي إن عشت فى الخطية، وبيدي أن أُحييها‍ إن عشت مع الله وعملت بوصاياه
لقد فصل الخاطيء نفسه عن الحياة الحقيقية بانفصاله عن الله الذي خلقه، ألم يقل رب المجد يسوع: " أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ، مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا " (يو25:11)، وقد قال أيضاً: " أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ " (يو6:14).
واعتقد أنَّ كل من ينفصـل عن المسيح بالخطية،
هو إنسان قد انفصل عن الحياة نفسها فيُعد ميتاً.
ثانياً: موت أدبيّ
النفس التي تُخطيء هى نفس بلا كرامة، ذات سمعة ردية، لماذا؟ لأنَّ كل الذين يحتقرون الرب بأفعالهم النجسة، ويهينون اسمه القدوس.. يصغرون في نظر أنفسهم وفي نظر الآخرين، ولهذا قيل: يستحيل على من يسلم جسده في يدي زانية أن يحترم نفسه من أجل هذا العمل الرديء.
وكان أحد الفلاسفة لا يُبجّل الملك ولا يحترمه كالآخرين.. فلمَّا سألوه قائلين: لماذا تحتقر الملك؟! أجاب: لأنّي مَلَكت الشهوة والغضب وهما ملكاه، فهو عبد لعبدي.
يقول سليمان الحكيم: " بِسَبَبِ امْرَأَةٍ زَانِيَةٍ يَفْتَقِرُ الْمَرْءُ إِلَى رَغِيفِ خُبْزٍ " (أم6: 26)، والمثل الشعبي يقول: " بَشّرْ الزانيّ بالفقر "، ونحن نقول: وهكذا أيضاً المُقامر والمُدمن واللص… فللجميع نتيجة واحدة ألا وهى: الهلاك.
فالخطية إذن تفقد الإنسان كرامته وهيبته وأيضاً مركزه الاجتماعي بين الناس وتضيع سمعته.. حتي لو كان هذا الانسان هو الملك، وهذا هو الموت الأدبيّ الذي نتحدث عنه.
أمَّا علي مستوي الجماعة، فالخطية كانت ولازالت أهم أسباب إنهيار الحضارة، وتدهور المجتمع، وهلاك الشعوب.. فعندما يفقد الناس طريقهم وأهدافهم وإيمانهم .. ويذهبون وراء الزني الذي يسيل من كل مسام حياتهم، يزول مجدهم وتجف أوراقهم فتسقط وتصبح حياتهم بلا ثمر إلى أن يموتون!! وهذا ما قد دفع أحد علماء الغرب إلى أن يقول:
" إنَّ أحد أعراض تدهور الحضارة في الغرب، هو انحلال الجنس البشريَّ خُلُقيّاً وانغماسه في  الخطية  ".
ثالثاً: موت ماديّ
أخذ الابن الضال نصيبه من الميراث وذهب إلي كورة بعيدة.. لكي يحيا حياة الخطية، لكن ماذا فعلت به الخطية؟ يقول الكتاب: " بَذَّرَ مَالَهُ بِعَيْشٍ مُسْرِفٍ فَلَمَّا أَنْفَقَ كُلَّ شَيْءٍ حَدَثَ جُوعٌ شَدِيدٌ فِي تِلْكَ الْكُورَةِ فَابْتَدَأَ يَحْتَاجُ فَمَضَى وَالْتَصَقَ بِوَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْكُورَةِ فَأَرْسَلَهُ إِلَى حُقُولِهِ لِيَرْعَى خَنَازِيرَ وَكَانَ يَشْتَهِي أَنْ يَمْلأَ بَطْنَهُ مِنَ الْخُرْنُوبِ الَّذِي كَانَتِ الْخَنَازِيرُ تَأْكُلُهُ فَلَمْ يُعْطِهِ أَحَدٌ " (لو32:15).
رابعاً: موت أبديّ
تقود  الخطية  الإنسان إلي الموت الأبديّ الذي عذابه لا ينتهي، حيث الدود لا ينام والنار لا تُطفأ، والبكاء وصرير الأسنان.. هناك أيضاً تأنيبات الضمير القاسية ولكن دون جدوى! وماذا نقول عن أشد عذاب ألا وهو البعد الدائم عن الله؟!
عذابات كثيرة قد نعجز عن وصفها، ولو كانت لمدة لكان من الممكن احتمالها، ولكن تكمن قسوتها في أنَّها أبدية، ألم يقل السيد المسيح للخطاة: " اذْهَبُوا عَنِّي يَا مَلاَعِينُ إِلَى النَّارِ الأَبَدِيَّةِ الْمُعَدَّةِ لإِبْلِيسَ وَمَلاَئِكَتِهِ " (مت41:25)، وفي نهايه حديثه قال: " فَيَمْضِي هَؤُلاَءِ إِلَى عَذَابٍ أَبَدِيٍّ وَالأَبْرَارُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ " (مت46:25).
الخطية أيضاً موت لأنَّها تفقد الخاطيء أحاسيسه وعواطفه وشعوره.. فلا يعود بعد يعرف الخير من الشر!! ولا الحلال من الحرام!! ولا المجد من الخزي! لأنَّه لا يريد أن يعرف سوي  الخطية  ! فيهيم هنا وهناك بحثاً عن نشوة عابرة أو لذة فانية، وهو على استعداد أن يدفع حياته من أجل تحقيق شهواته.. ولو أدي به الأمر أن يُضحي بحياته، أو بزوجته، أو بأولاده.. من أجل هذه الجرثومة، وإليكم قصة من واقع الحياة تؤكد أنَّ  الخطية  تُميت العواطف من قلب الإنسان!!
قصه
الخطية

يُحكي أنَّ موظفاً أدمن شرب الخمر، فضعُفت قواه العقلية، ولمَّا ظهرت عليه علامات الاختلال وعدم الدقة، طُرد من العمل فأصبح عاطلا، وإذ كان مسرفا افتقر وساءت حالته.. وقد كان ذلك سبباً لوفاة زوجته، التي تركت له ابنة لا تتجاوز من العمر سنتين.. إلاَّ أنَّها هي الأُخرى توفيت بعد زمن قصير بسبب إهمال والدها لها!!
فلمَّا علم كاهن الكنيسة التي كانت بجوار هذه الأسرة أنَّ الطفلة قد ماتت، ذهب مع أحد الأتقياء واشتروا كفناً وذهبا إلي منزلها لتكفينها، فحالة الرجل المادية، وأخلاقه المتدنية، وإهماله لأُسرته لم تعد خافية على أحد!!
لكن قبل دفنها رأى الكاهن أنَّه من المستحسن، أن يترك والد الطفلة أمام الجثة وقتاً، لَعَلَّه يتأثر بمنظرها ويتوب، فإهماله لها هو الذي عجَّل بموتها! وبالفعل تركوه وأغلقوا الباب ورائهم.. ثم بعد مضي ربع ساعة عادوا إلى الجثّة وحملوها إلى المقبرة..
لكنّهم لاحظوا وهم يسيرون أنَّ والد الطفلة لو يكن ضمن المشيعين لجنازة ابنته.. فلمَّا رجعوا بحثوا عنه فوجدوه في الخمَّارة مُلقى من السكر! فسألوا صاحب الخمَّارة: من أين أتاك بالنقود التي أعطيته بها خمراً؟ فأراهم حذاء أبيض وهنا كانت المفاجأة المذهلة التي لا يتوقعها إنسان، ففي الوقت الذي ترك الكاهن الوالد أمام جثّه ابنته، كان يقلبها لعله يجد شيئاً ينتفع به! فلمَّا وجد الحذاء الذي كان ضمن أدوات الكفن، انتزعه من رجليها لكي يبيعه ويسكر بثمنه!!



إلى هذه الدرجة تُميت الخطية 
الأحاسيس من قلب الإنسان؟!

0 التعليقات:

إرسال تعليق