ad

مدونة ام النور ترحب بكم منتدي ابونا مكاري

3

الخميس، 2 أغسطس 2012

الصليب فى المسيحية ج1


الصليب فى المسيحية ج1

شكل الصليب وعقوبة الصلب تاريخياً :-



† الصليب staurov هو أداة تعذيب وعقاب وإعدام مصنوعة من عمود خشبي يعلق عليه الشخص ، كان الآشوريين يستخدمون عمود أو مجرد عود يُعدم عليه المجرم، حتى يموت من الجوع والإجهاد .

† عندما فسر يوسف الصديق حلم رئيس الخبازين قال له " فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَيْضاً يَرْفَعُ فِرْعَوْنُ رَأْسَكَ عَنْكَ وَيُعَلِّقُكَ عَلَى خَشَبَةٍ وَتَأْكُلُ الطُّيُورُ لَحْمَكَ عَنْكَ " (تك40 :19) . يعلقك على خشبة تفيد اعدامه صلباً .

† فى سفر التثنية جاءت عقوبة الصلب " وَإِذَا كَانَ عَلى إِنْسَانٍ خَطِيَّةٌ حَقُّهَا المَوْتُ فَقُتِل وَعَلقْتَهُ عَلى خَشَبَةٍ. فَلا تَبِتْ جُثَّتُهُ عَلى

الخَشَبَةِ بَل تَدْفِنُهُ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ لأَنَّ المُعَلقَ مَلعُونٌ مِنَ اللهِ. فَلا تُنَجِّسْ أَرْضَكَ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيباً " (تث

21:22،23)

†داريوس ملك فارس (نوتوس 423- 404ق.م.)أمر بأن كل من يعطل إعادة بناء الهيكل الذي خربه نبوخذنصر ، على نفقة بيت الملك وترد كل آنية الفضة والذهب التي أخرجها نبوخذنصر ( فى عهد زربابل بن شألتئيل ويشوع بن يوصاداق )تؤخذ خشبة من بيته ويُصلب عليها ويُجعل بيته مزبلة (عز6 :11)[1]

† في سفر استير نجد أنه عندما يرسل مردخاى إلى الملك احشويرش عن طريق استير ، ليعلمه بوشاية بغثان وترش لقتل الملك ويتحقق الملك من الوشاية يصلبهما " فَصُلِبَا كِلاَهُمَا عَلَى خَشَبَةٍ " ( اس2 :23) ، كذلك نجد هامان عندما يغتاظ من مردخاى ويدبر مكيدة لهلاكه وكل اليهود " فَطَلَبَ هَامَانُ أَنْ يُهْلِكَ جَمِيعَ الْيَهُودِ الَّذِينَ فِي كُلِّ مَمْلَكَةِ أَحْشَوِيرُوشَ شَعْبَ مُرْدَخَايَ." ( اس 3 :6) ، يعد صليب طوله 50 زراعاً ليصلب عليه مردخاى ، لكن الله يحول الشر لخير أبناءه ويصلب هامان بدلاً من مردخاى .

† وقد تطور الصليب في عهد الرومان كان شكل الصليب عموداً تثبت في طرفه الأعلى خشبة مستعرضة فيصبح على شكل حرف " T " أو قبل النهاية العليا بقليل لتشد عليها يدي المصلوب وتسمر بها, أو تربط بالحبال ، وهو الشكل المألوف للصليب والذي يعرف باسم الصليب اللاتيني. وقد تكون الخشبتان المتقاطعتان متساويتين، وهو الصليب اليوناني، أو أن يكون الصليب على شكل حرف " X " ويعرف باسم صليب القديس أندراوس، وقد استخدم هذا الشكل للصليب في العصور الرومانية المتأخرة.

† وقد بدأ استخدام الصليب وسيلة للإعدام في الشرق، فقد استخدمه الإسكندر الأكبر نقلاً عن الفرس، فقد حكم على ألف شخص من أهل صور بالصلب ، واستعار الرومان الفكرة من قرطاجنة التي أخذته عن الفينيقيين.

† الرومان عندما اضطهدوا اليهود ، كان تيطس يعلق 500 يهودى يومياً على خشبة .وقد قصر الرومان الإعدام بالصلب على العبيد عقاباً لأبشع الجرائم، وعلى المتمردين من أهل الولايات. وقلما كان يستخدم الصليب لإعدام مواطن روماني (كما يذكر شيشرون). وفي هذا تفسير لما يرويه التاريخ من أن بولس الرسول (كمواطن روماني) أُعدم بقطع رأسه. أما بطرس (غير روماني) فأُعدم مصلوباً.

وبعد صدور الحكم على المجرم بالصلب، كانت العادة أن يُجلد عارياً بسوط من الجلد من جملة فروع يُثبت فيها قطع من المعدن أو العظام ؛ لتزيد من فعاليتها في التعذيب، ثم يُجبر المحكوم عليه على حمل صليبه إلى الموقع الذي سينفذ فيه الإعدام. وكان يجري ذلك عادة خارج المدينة. وكان يسير أمامه شخص يحمل لوحة عليها التهمة التي حُكم عليه من أجلها أو قد تُعلَّق هذه اللوحة في رقبة المجرم بينما هو يحمل صليبه على كتفيه.  ونحن نعلم أن السيد المسيح صُلب في عهد الدولة الرومانية في ولاية بنطس بيلاطس


طريقة الصلب : -

يمكننا أن نتعرف عليها عن طريق الاكتشافات الأثرية فقد كشف فريق من الأثريين صيف 1968 عن أربعة قبور يهودية في "رأس المصارف" بالقرب من القدس، وكان أحدها يحتوي على صندوق به هيكل عظمي لشاب توفي مصلوبا ويرجع تاريخه إلى ما بين 7 ، 66 ميلادي . كما تدل عليه الأواني الفخارية من عصر الهيرودسيين التي وجدت في القبر ومنقوش على الصندوق اسم "يوحانان". وقد أُجريت أبحاث دقيقة عن أسباب وطبيعة موته، مما قد يلقي بعض الضوء على كيفية صلب يسوع المسيح.

كان ذراعا الرجل مسمرتين إلى خشبة الصليب. والأرجح أن ثقل الجسم كان يرتكز عند العجز على قطعة من الخشب بارزة مثبتة إلى قائم الصليب. وكانت الساقين منحنيتين عند الركبتين إلى الخلف، والكاحلان مثبتين بمسمار واحد إلى قائم الصليب. وقد ثبت من شظية وجدت من بقايا الصليب، أنه كان مصنوعاً من خشب الزيتون. وكانت الساقين مكسورتين بضربة عنيفة مثلما حدث مع اللصين اللذين صلبا مع يسوع (يو19: 32). ويبدو أن طريقة الصلب كانت تختلف من منطقة إلى أخرى في الإمبراطورية الرومانية الواسعة. ويبدو أن العملية كانت من القسوة والفظاعة ، حتى استنكف كُتَّاب ذلك العصر من إعطاء وصف تفصيلي لها، فكانت تعتبر من أقصى وأبشع وسائل العقاب. ولكن الرب وضع نفسه وأطاع حتى الموت، موت الصليب (في2: 8(

فقد كان المحكوم عليه يطرح أرضاً فوق الصليب، وتربط يداه أو ذراعاه، أو تسمران إلى الصليب. كما كانت تربط قدماه أو تُسمران. ثم كان الصليب يرفع بمن عليه لكي يثبت رأسياً في حفرة في الأرض بحيث لا تلامس القدمان الأرض، ولكن ليس بالارتفاع الكبير الذي يبدو عادة في الصور. وكان ثقل الجسم يرتكز -بالقدمين أو بالعجز- على قطعة بارزة مثبَّة بالقائم الرأسي للصليب حتى لا يتعلق الجسم بثقله كله على الذراعين المسمرين، مما يجعل عضلات الصدر مشدودة، فيمتنع التنفس ويموت المحكوم عليه مختنقاً بعد لحظات قليلة من تعليقه وعندما كان الحراس يرون أن المجرم قد تحمل من العذاب ما يكفي كانوا يكسرون ساقيه حتى لا يرتكز بقدميه على الخشبة البارزة ويصبح الجسم كله معلقاً على الذراعين فيتعذر التنفس فيختنق المحكوم عليه ويموت كما حدث مع اللصين اللذين صلبا مع الرب يسوع. أما عندما جاء العسكر إلى يسوع لم يكسروا ساقيه لأنهم رأوه قد مات ، ولكن واحداً من العسكر طعن جنبيه بحربة وللوقت خرج دم وماء (يو19: 33 ،34) للتأكد من موته حتى يمكن أنزال الجسد، كما طلب اليهود من بيلاطس (يو 19: 31(

كان ذراع الرجل (وليس يداه) مسمرتين إلى خشبة الصليب (ولعل كلمة "يديه" في لو 24: 39 ، يو 20: 20 و25 و27، ويقصد بها ذراعاه). والأرجح أن ثقل الجسم كان يرتكز عند العجز على قطعة من الخشب بارزة مثبتة إلى قائم الصليب. وكان الساقان منحنيين عند الركبتين إلى الخلف، والكاحلان مثبتين بمسمار واحد إلى قائم الصليب. وقد ثبت من شظية وجدت من بقايا الصليب، أنه كأن مصنوعاً من خشب الزيتون. وكان الساقان مكسورين كما يبدو أن بضربة عنيفة مثلما حدث مع اللصين اللذين صلبا مع يسوع (يو 19: 32). ويذكر المؤرخون المعاصرون أن الصلب كان أقسى أشكال الإعدام. ولا يصف البشيرون آلام المسيح الجسدية بالتفصيل، بل يكتفون بالقول "صلبوه". وقد رفض المسيح أن يأخذ أي مسكن لآلامه(مت 27: 34(

ولم يكن اهتمام كتبة العهد الجديد، بصليب المسيح ينصب – أساساً- على الناحية التاريخية، بل على الناحية المعنوية الكفارية الأبدية لموت الرب يسوع المسيح ابن الله. وتستخدم كلمة "الصليب" تعبيراً موجزاً عن أنجيل الخلاص عن أن يسوع المسيح قد "مات لأجل خطايانا"، فكانت الكرازة بالإنجيل تتركز في كلمة "الصليب" أو "بالمسيح يسوع وإياه مصلوباً" (1كو1 :17 و18،2 :2)، ولذلك يفتخر الرسول بولس "بصليب ربنا يسوع المسيح" (غل 6: 14)، فكلمة الصليب هنا تعني كل عمل الفداء الذي أكمله الرب يسوع المسيح بموته الكفاريّ.

رموز الصليب في العهد القديم :-

1. ذبيحة هابيل الصديق :-

كانت ترمز إلي ذبيحة المسيح المحروقة علي الصليب ، فقد كانت مقبولة عند الله . " كَمَا أَحَبَّنَا الْمَسِيحُ أَيْضاً وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، قُرْبَاناً وَذَبِيحَةً لِلَّهِ رَائِحَةً طَيِّبَةً " (اف5 :2)

2. الختان رمز للصليب :-

إذا كان الختان هو رمز للمعمودية التي هي ختان روحي ، فيربطه الآباء بالصليب حيث أن الأسرار كلها تستمد قوتها من الصليب ، فيرى كاتب رسالة برناباس [3] أن الختان ليس علامة الختم إذ أن السوريين وكل العرب وكل كهنة البعل مختونون أيضاً " أى أنه ليست علامة مادية فقط )، ويرى أن ختان إبراهيم روحي ، إذ أختتنوا" 318 "،  فالثمانية عشر تكتب باليونانية IH وهما اختصار اسم يسوع المسيح،  والثلاثمائة تكتب T تدل على الصليب[4]. كما توضح الرسالة أن الخلاص يتم بصْليبِ المسيح وقد أشار إلى الصليب .

3. ذبيحة اسحق :-

اسحق الذي قدمه أبونا إبراهيم للموت هو رمز  لذبيحة الصليب، حيث بذل الرب يسوع نفسه كرائحة ذكيه لله أبيه، فكما نصلى فى صلاة القسمة "فذبح اسحق كان إشارةً إلى هرق دم المسيح ابن الله على الصليب عن خلاص العالم، وكما حمل اسحق حطب المحرقة كذلك حمل المسيح خشبة الصليب، وكما رجع اسحق حياً هكذا أيضاً المسيح قام حياً من الأموات "[5].

4. بركة أبونا يعقوب لابني يوسف:-

أبونا يعقوب أب الآباء عندما بارك ابني يوسف " منسي وافرايم " باركهما علي شكل الصليب ، حيث وضع يمينه علي الأصغر ، ويساره على الأكبر (يداه متقاطعتان) على شكل صليب " فَمَدَّ إِسْرَائِيلُ يَمِينَهُ وَوَضَعَهَا عَلَى رَأْسِ أَفْرَايِمَ وَهُوَ الصَّغِيرُ وَيَسَارَهُ عَلَى رَأْسِ مَنَسَّى. وَضَعَ يَدَيْهِ بِفِطْنَةٍ فَإِنَّ مَنَسَّى كَانَ الْبِكْرَ "(تك  48 :14)، لاحظ قوله بفطنة أى بقصد وكان ذلك بإلهام من الله [6]، ذلك دلالة علي أن البركة لن تؤخذ إلا بالصليب الذي تقدس بصلب ربنا يسوع المسيح عليه .

5. خروف الفصح :-

كان خروف الفصح بداية تقويماً جديداً لبنى إسرائيل " «هَذَا الشَّهْرُ يَكُونُ لَكُمْ رَأْسَ الشُّهُورِ. هُوَ لَكُمْ أَوَّلُ شُهُورِ السَّنَةِ " (خر12 :2)، وكانت ذبيحة الصليب هي بداية مملكة روحية جديدة ، فالسيد المسيح وهو على الصليب ربط الشيطان وقيده " فَقَبَضَ عَلَى التِّنِّينِ، الْحَيَّةِ الْقَدِيمَةِ، الَّذِي هُوَ إِبْلِيسُ وَالشَّيْطَانُ، وَقَيَّدَهُ أَلْفَ سَنَةٍ،." (رؤ20 :2)، وانتهى عهد الناموس وأصبحنا في تقويم جديد ، تقويم عهد النعمة .ومن العجيب أن هذا الشهر الذي تبدأ به السنة الجديدة لا يبدأ بالفصح مباشرة ، بل يأتي الفصح في الرابع عشر منه ، وهذا لكي يتطابق الأصل على الرمز .

كان ذبح خروف الفصح بشارة بنجاة الأبكار من الموت، ونجاة الشعب من العبودية، وموت السيد المسيح على الصليب لأجل فداء البشرية من الموت الأبدي " لأَنَّ فِصْحَنَا أَيْضاً الْمَسِيحَ قَدْ ذُبِحَ لأَجْلِنَا " (1كو5 :7)

لاحظ أن ذبيحة الصليب واحدة، وأن الذبيحة اليومية على المذبح هى امتداد لذبيحة الصليب ، فالسيد المسيح صُلب مرة واحدة ذبيحة واحدة " فَإِنَّ الْمَسِيحَ أَيْضاً تَأَلَّمَ مَرَّةً وَاحِدَةً مِنْ أَجْلِ الْخَطَايَا، الْبَارُّ مِنْ أَجْلِ الأَثَمَةِ، لِكَيْ يُقَرِّبَنَا إِلَى اللهِ، مُمَاتاً فِي الْجَسَدِ وَلَكِنْ مُحْيىً فِي الرُّوحِ"  (1بط3 :18)، لذا نجد أنه على الرغم من أن آلافاً من الخراف يتم ذبحها في الفصح إلا أنه يتكلم عن خروف واحد فى كل الأصحاح ولم تأت قط بالجمع " وَيَكُونُ عِنْدَكُمْ تَحْتَ الْحِفْظِ إِلَى الْيَوْمِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ هَذَا الشَّهْرِ. ثُمَّ يَذْبَحُهُ كُلُّ جُمْهُورِ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ فِي الْعَشِيَّةِ " (خر12 :6) ، يقول ذهبى الفم " لقد قيل إن فصحنا المسيح ذُبح من أجلنا. فقل لي أين ذُبح؟ لقد ذُبح مرفوعًا على الصليب. المذبح جديد ومختلف عن أي مذبح، لأن الذبيحة جديدة ومختلفة عن أي ذبيحة، فهو نفسه الذبيحة والكاهن. أما كونه ذبيحة فبحسب الجسد، أما كونه كاهن فبحسب الروح، وهو نفسه المقدِّم والمُقدَّم. فاسمع أيضًا ما يقول بولس ” إن رئيس الكهنة الذي يؤخذ من بين الناس إنما يُقام من أجل الناس ليقدم عنهم (ذبائح) لله، أما المسيح فلم تكن له حاجة إلى ذلك إذ قرَّب ذاته” (عب8:5، 3:8). ويقول بولس الرسول في موضع آخر ” إن المسيح قُدِّم مرة واحدة ليحمل خطايا كثيرين” (عب 28:9). لقد قُدِّم ههنا، أما هناك فقدَّم ذاته. أرأيت كيف صار ذبيحة وكاهنًا معًا، وكيف كان الصليب مذبحًا له؟ "[7] ، كذلك لابد أن يكون خروف الفصح شاة صحيحة أى خالية من العيوب ، إشارة إلى السيد المسيح ذبيحة الصليب الحمل الذى بلا عيب " كَمَا مِنْ حَمَلٍ بِلاَ عَيْبٍ وَلاَ دَنَسٍ، دَمِ الْمَسِيحِ "(1بط  1 :  19)

يقول التقليد إنه كان يمرُّ فى جسم الحمل سيخان متعامدان ( مصلوباً ) ويشوي علي أعشاب مرة والسيد المسيح قد وضع علي الصليب وجاز في الآلام الرهيبة لأجلنا .

6. رش دم خروف الفصح :-

كان أيضا رش دم خروف الفصح رمزاً للصليب " وَيَأْخُذُونَ مِنَ الدَّمِ وَيَجْعَلُونَهُ عَلَى الْقَائِمَتَيْنِ وَالْعَتَبَةِ الْعُلْيَا فِي الْبُيُوتِ الَّتِي يَأْكُلُونَهُ فِيهَا ... وَيَكُونُ لَكُمُ الدَّمُ عَلاَمَةً عَلَى الْبُيُوتِ الَّتِي أَنْتُمْ فِيهَا فَأَرَى الدَّمَ وَأَعْبُرُ عَنْكُمْ فَلاَ يَكُونُ عَلَيْكُمْ ضَرْبَةٌ لِلْهَلاَكِ حِينَ أَضْرِبُ أَرْضَ مِصْرَ " (خر12 :7 ،13) ، يقول القديس يوستين الشهيد (165م) : " إن الذين خلصوا من شعب إسرائيل في مصر إنما خلصوا بدم الفصح الذي مَسحوا به قوائم أبوابهم وأعتابهم ، لأن الفصح كان المسيح الذي ذُبح فيما بعد !! فكما أن دم الفصح خلص الذين كانوا في مصر ، هكذا دم المسيح يحفظ من الموت الذين يؤمنون به . ولكن هل هذا يُعنى أنه إذا لم تكن هذه العلامة موجودة على الأبواب كان الله يُخطى في معرفة الذين له ؟ كلا ولكن هذه العلامة أي الصليب كانت إستعلاناً مسبقاً عن الخلاص الذي سيتم بدم المسيح الذي به يَخلّص جميع الخطاة في كل الأمم عندما يتقبَّلون الصفح عن خطاياهم ولا يعودون يخطئون " [8] .

7. الشجرة التي صيرت ماء مارة عذباً :-

تزمر الشعب على موسى بسبب مرارة الماء وذلك في طريقهم عند مارة " فَجَاءُوا إِلَى مَارَّةَ. وَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَشْرَبُوا مَاءً مِنْ مَارَّةَ لأَنَّهُ مُرٌّ. لِذَلِكَ دُعِيَ اسْمُهَا «مَارَّةَ» فَتَذَمَّرَ الشَّعْبُ عَلَى مُوسَى قَائِلِينَ: «مَاذَا نَشْرَبُ؟»  فَصَرَخَ إِلَى الرَّبِّ. فَأَرَاهُ الرَّبُّ شَجَرَةً فَطَرَحَهَا فِي الْمَاءِ فَصَارَ الْمَاءُ عَذْباً. هُنَاكَ وَضَعَ لَهُ فَرِيضَةً وَحُكْماً وَهُنَاكَ امْتَحَنَهُ " (خر15 :23- 25). لاحظ أن هذا حدث بعد مسيرة ثلاث أيام من سيرهم فى البرية ، وهذا إشارة إلى اشتراكهم مع المسيح في الصلب والقيامة ، الشجرة التي أراها الرب لموسى وأمره أن يطرحها فى الماء ليصير عذباً كانت رمزاً للصليب، لذا منحها الله القوة على تحوّل الماء فيقول بن سيراخ " أليس بعود تحول الماء عذباً حتى تُعرف قوته " (بن سيراخ38 :5) ، هكذا أصبح الخلاص بالخشبة التي هي الصليب التي هي قوة الله. يقول القديس أمبروسيوس " كانت مارة نبع ماء بالغ المرارة ، فلما طرح فيها موسى الشجرة صارت حلوة. لأن المياة بدون الكرازة بصليب الرب لا منفعة منها للخلاص العتيد ، ولكنها بعد أن تتقدس بسر صليب الخلاص تصير لائقة لاستخدامها فى جرن المعمودية " [9]

8. عصاة موسي :-

عصا موسى التي استخدمها موسى عمل العجائب أمام فرعون ، أصبحت تحمل سر الله وتشير إلى صليب ابن الله ، فكما كان عبور البحر الأحمر إشارة إلى المعمودية ، التي تأخذ فاعليتها من دم الصليب ، كانت عصا موسى التي شقت البحر الأحمر فمهدت الطريق لعبور المفديين بدم خروف الفصح ، الذى ذبحوه قبل خروجهم ونجوا بدمه من الملاك المهلك ، كانت رمز للصليب الذي به الخلاص من العدو . فبهذه العصا صار الخلاص. فالعصا خشبية كما أن الصليب مصنوع من الخشب .

في العهد القديم عندما أمر الرب موسي بأن يضرب الصخرة ،قال له " هَا أَنَا أَقِفُ أَمَامَكَ هُنَاكَ عَلَى الصَّخْرَةِ فِي حُورِيبَ فَتَضْرِبُ الصَّخْرَةَ فَيَخْرُجُ مِنْهَا مَاءٌ لِيَشْرَبَ الشَّعْبُ». فَفَعَلَ مُوسَى هَكَذَا أَمَامَ عُيُونِ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ " (خر17 :6) ، فضربها موسى مرتين في عدم إيمان " وَرَفَعَ مُوسَى يَدَهُ وَضَرَبَ الصَّخْرَةَ بِعَصَاهُ مَرَّتَيْنِ فَخَرَجَ مَاءٌ غَزِيرٌ فَشَرِبَتِ الجَمَاعَةُ وَمَوَاشِيهَا " (عد20 :11) ، وكان الواجب أن يضربها مرة واحدة فقط ، ففي تكرار الضربة مخالفة لأمر الله خطأ لاهوتي . ولهذا كان نصيب موسي حرمانه من دخول أرض الميعاد ، ذلك لان الصخرة كانت المسيح " فَإِنِّي لَسْتُ أُرِيدُ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تَجْهَلُوا أَنَّ آبَاءَنَا جَمِيعَهُمْ كَانُوا تَحْتَ السَّحَابَةِ وَجَمِيعَهُمُ اجْتَازُوا فِي البحر وَجَمِيعَهُمُ اعْتَمَدُوا لِمُوسَى فِي السَّحَابَةِ وَفِي الْبَحْرِ وَجَمِيعَهُمْ أَكَلُوا طَعَاماً وَاحِداً رُوحِيّاً وَجَمِيعَهُمْ شَرِبُوا شَرَاباً وَاحِداً رُوحِيّاً لأَنَّهُمْ كَانُوا يَشْرَبُونَ مِنْ صَخْرَةٍ رُوحِيَّةٍ تَابِعَتِهِمْ وَ الصَّخْرَةُ كَانَتِ الْمَسِيحَ " (1كو10: 1 –4) ، أي كانت ترمز إلي المسيح صخرة الدهور" الْحَجَرُ الَّذِي احْتَقَرْتُمُوهُ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ" . وضرب الصخرة كناية عن صلب المسيح وموته " أَنَّهُ ضُرِبَ مِنْ أَجْلِ ذَنْبِ شَعْبِي؟ " (اش53 :8)، فعصا موسى هنا إشارة إلى الصليب ، وتكرار ضرب الصخرة معناه تكرار موت المسيح ، في حين لا يكرر موت المسيح إلا الذين ذاقوا المواهب السمائية ومواعيد الدهر الأتي وسقطوا (علي حد تعبير الرسول) " لاَ يُمْكِنُ تَجْدِيدُهُمْ أَيْضاً لِلتَّوْبَةِ، إِذْ هُمْ يَصْلِبُونَ لأَنْفُسِهِمُِ ابْنَ اللهِ ثَانِيَةً وَيُشَهِّرُونَهُ " (عب6 :6).

لمتابعة الجزء الثاني اضغط هنا 

0 التعليقات:

إرسال تعليق