9- ثم انصرف من هناك و جاء الى مجمعهم. 10- و اذا انسان يده يابسة فسالوه قائلين هل يحل الابراء في السبوت لكي يشتكوا عليه. 11- فقال لهم اي انسان منكم يكون له خروف واحد فان سقط هذا في السبت في حفرة افما يمسكه و يقيمه. 12- فالانسان كم هو افضل من الخروف اذا يحل فعل الخير في السبوت. 13- ثم قال للانسان مد يدك فمدها فعادت صحيحة كالاخرى. 14- فلما خرج الفريسيون تشاوروا عليه لكي يهلكوه. 15- فعلم يسوع و انصرف من هناك و تبعته جموع كثيرة فشفاهم جميعا. 16- و اوصاهم ان لا يظهروه. 17- لكي يتم ما قيل باشعياء النبي القائل. 18- هوذا فتاي الذي اخترته حبيبي الذي سرت به نفسي اضع روحي عليه فيخبر الامم بالحق. 19- لا يخاصم و لا يصيح و لا يسمع احد في الشوارع صوته. 20- قصبة مرضوضة لا يقصف و فتيلة مدخنة لا يطفئ حتى يخرج الحق الى النصرة. 21- و على اسمه يكون رجاء الامم. 22- حينئذ احضر اليه مجنون اعمى و اخرس فشفاه حتى ان الاعمى الاخرس تكلم و ابصر. 23- فبهت كل الجموع و قالوا العل هذا هو ابن داود
ع9-10: "يشتكوا عليه": يقدموا شكوى فى مجالسهم المحلية، أنه مخالف.
بعد أن اجتاز فى الحقول، ذهب إلى أحد مجامع اليهود كعادته ليعلّم هناك، وكان جميع المرضى يتبعونه ليشفيهم؛ وقد أتى رجل يده مشلولة، يتمنى أن يشفيه المسيح.
لاحظ الفرّيسيّون أن الرجل سيطلب من المسيح الشفاء، فبادروا بسؤاله، ليس عن استفهام، بل بخبث: هل يحل الإبراء يوم السبت؟ معتبرين أن الشفاء هو أحد الأعمال العالمية، فهو عمل طبيب يعالج المرضى، وليس معجزة ورحمة يقدمها المسيح للمحتاجين؛ وهذا يُظهر سوء نيتهم وتفسيرهم الخاطئ.
ع11-13: أجاب المسيح على سؤالهم بسؤال آخر، وهو: إن كان لأحد خروف وسقط فى حفرة يوم السبت، ألا يسرع لإنقاذه ويخرجه من الحفرة حتى لا يموت؟ فهذا عمل غير مسموح به، ولكن يُستثنَى كعمل رحمة لإنقاذ الخروف، فكم بالأحرى يكون الإنسان المريض أهم من الخروف؟ وبالتالى، يحل الإبراء كعمل رحمة فى يوم السبت. ثم أمر المسيح، بسلطانه الإلهى، ذا اليد اليابسة أن يمدها، فأطاع الأخير بإيمان، فشُفِيَتْ فى الحال.
ويلاحظ أن المسيح أمر فقط ولم يلمسه، والرجل مد يده، ومد اليد غير ممنوع فى السبت. فهكذا أبرأه، ولم يخالف حتى تعاليمهم الضيقة الخاظئة، فلم يجدوا أية علة عليه.
كم هى عظيمة طاعة هذا المريض، فرغم أن يده مشلولة، آمن بكلام المسيح، وإذ حاول أن يمدها تحركت معه، فَشُفِىَ فى الحال.
ليتك تطيع وصايا الله مهما بدت صعبة، وتقبل تعاليم الكنيسة وإرشادات أب اعترافك، واثقا من قوة الله المسانِدة لك، فلا تجد مستحيلا أمامك، لأن الشيطان يوهمك بضعفك وعجزك عن التخلّص من الخطية واكتساب الفضائل، فلا تصدقه، وتأكد أن الطاعة تخرجك من سلطانه وتهبك كل البركات.
ع14-16: "لكى يهلكوه": هذه أول محاولة لقتله.
"جموع كثيرة": من اليهود والأمم، كما يظهر فى (ع21).
إذ ظهر شر الفرّيسيّين أمام بر المسيح ورحمته لتلاميذه وللمرضى، اغتاظوا جدا وحاولوا قتله، فلم يقاومهم مستخدما قوة لاهوته، بل هرب من وجههم، لانشغاله باستكمال التبشير وشفاء المحتاجين، وحتى يعلمنا عدم مقاومة الشر بالشر، بل الهروب منه، فأوصى الجموع أن يخفوه وسطهم، ليستمر فى تعليمه وعمل الخير لكل المحتاجين، ولأنه كان متضعا لا يطلب مجدا أرضيا.
ع17: أظهر ذلك المسيح بشكل ضعيف، عكس ما توقعه اليهود من المسيا المنتظر أن يكون قويا، يقيم لهم مملكة ويحررهم من سلطان الرومان. وهذا طبعا تفسير خاطئ من اليهود لم يقصده الله، بل المهم أن يحررهم من الخطية، ويملك على قلوبهم، وليس الملك الأرضى الذى يزعمونه, ولذا، أورد القديس متى نبوءة إشعياء عن المسيح (42: 1-4) التى تُظهر وداعته، وعدم مقاومته الشر بالشر.
ع18: "الذى اخترته": المسيح هو وحده المختار من الله والقادر على فداء البشرية، فلا يستطيع ملاك أو إنسان أن يقوم بهذا العمل.
"سُرَّتْ به نفسى": كما أعلن الآب ذلك من السماء عند معموديته فى الأردن، فهو موضوع سرور الآب لآنه يتمم خلاصنا.
"أضع روحى عليه": إعلان أن الروح القدس فى الابن، كما ظهر فى شكل حمامة عند معموديته، ولكنه متحد به منذ الأزل لأنه روحه، فهو إعلان لنا كبشر لنؤمن أنه هو الله.
"الأمم": إثبات واضح أن الخلاص مقدم للعالم كله.
يتحدث الآب عن الابن بأنه يضع روحه عليه، وهو فى نفس الوقت روح الابن الذى هو الروح القدس. وهكذا يعلن الثالوث القدّوس الذى يظهر فى تجسد المسيح المعلن الحق للبشرية بوداعة وحب، إذ يقول: فتاى وحبيبى.
إذا اتحدت بالمسيح وصرت عضوا فى جسده، أى الكنيسة، تكون حبيب الله ويُسَرُّ بك.
ع19: من صفات المسيح الوديع ألا يقابل شر الناس بشر آخر، فلا يخاصم الأشرار، ولا يغضب بصياح يعثر الآخرين فى الشوارع، لأنه هادئ فى داخله بوداعة حقيقية.
ع20: تظهر محبة المسيح فى الاهتمام بكل إنسان مهما بدا ضعيفا أو ميئوسا منه، مثل القصبة التى ضُربت وكادت أن تنكسر، أو الفتيلة التى اختفت منها النار ولم يعد إلا دخانا يتصاعد منها.
فهو يسند الإنسان الضعيف جدا حتى يتقوى ويمتلئ به، وينتصر على خطاياه وضعفاته، ويصير له مكان فى السماء.
إنه يسند القصبة ويشعل الفتيلة ويهتم بها، حتى يكمل عمله بإظهار الحق فى كل القلوب، فتنتصر على الخطية وتتحرر منها.
ع21: بهذا الحب يعطى رجاء للعالم كله. فإن كان اليهود يرفضون الأمم لابتعادهم عن الله، فالمسيح يبشرهم ويطلب خلاصهم مهما كان ضعفهم، حتى يتركوا عبادة الأوثان ويرجعوا إليه.
إنه رجاء عظيم مقدم لك، مهما كانت خطاياك مسيطرة عليك، أو مشاكلك تبدو بلا حل، فالمسيح يحبك، وهو قادر أن يخلّصك من أتعابك. ثق به، وقم ابدأ من جديد معه.
ع22: دخل الشيطان فى إنسان، فأفقده عقله وبصره وكلامه. وقدموه للمسيح فشفاه، أى أخرج منه الشيطان، فعاد عاقلا يبصر ويتكلم.
إن الخطية تفقدك تفكيرك السليم، فلا ترى الله ولا تتكلم بوصاياه. فأسرع للتوبة، حتى تستعيد إنسانيتك فى المسيح.
ع23-24:"بهت": تعجب واندهش جدا.
"ابن داود": كما وعد الله أن يأتى المسيح من نسل داود.
"بعلزبول": (راجع تفسير ص 10: 24-25)، واتهام المسيح بعلاقته به نوع من التحقير له، وأن قوته من الشياطين وليست من الله.
لما نظر اليهود قوة المعجزة، قالوا إنه المسيا المنتظر ابن داود. أما الفرّيسيّون، فلأجل كبريائهم ومحبتهم للمراكز العالمية، وجدوا المسيح مزاحما لهم، إذ أصبح قائدا روحيا لليهود، وبهذا يفقدون مكانتهم، فأسرعوا يقاومون المعجزة باتهام المسيح، أنه، باتفاق خاص بينه وبين رئيس الشياطين بعلزبول، قد جعل هذا الشيطان يخرج، ويعود الإنسان صحيحا، أى اتهموا المسيح بالسحر، والتعامل مع الشياطين، ليبعدوا الناس عن تبعيته والانبهار بسلطانه الإلهى.
0 التعليقات:
إرسال تعليق