لماذا تدعوني صالحا ، ليس احد صالح الا واحد وهو الله
وفيما هو خارج الى الطريق ركض واحد وجثا له وسأله ايها المعلّم الصالح ماذا اعمل لارث الحياة الابدية . فقال له يسوع لماذا تدعوني صالحا.ليس احد صالحا الا واحد وهو الله
(مرقس 10 : 17- 18)
يعتقد الاخوة المسلمون ان هذه الآية يستطيعون استخدامها لنفي لاهوت السيد المسيح، والحقيقة ان هذه الآية في سياقها ومجملها تثبت اللاهوت ولا تنفيه، وتعالوا نفهم معا:
السيد المسيح في هذه الآية لا ينفي عن نفسه الصلاح، النفي صيغته معروفة، ان يقول مثلا "لا تدعوني صالحا لانه ليس احد صالحا الا واحد وهو الله" ولكن الجملة لم تكن في صيغة النفي كما ترون، هي في صيغة الاستفهام، (لماذا تدعوني صالحا)؟ وكأن المسيح يريد ان يتأكد من السائل انه يعلم ماذا يقول : هل تعلم انه صفة الصلاح هي لواحد فقط وهو الله ؟ هل تعترف بي اني انا الله ؟؟
لاحظوا ان الرجل كما كتب مرقس في بشارته جاء الى المسيح وجثا له، اي سجد له، ودارس الكتاب المقدس يعرف ان اليهودي تعلم درسا قاسيا خلال تاريخ حياته، انتهى فيه الى ان السجود لا يجوز الا لله وحده، وحيث ان المسيح قرر في الانجيل (وقت التجربة) للرب الهك تسجد واياه وحده تعبد، وهو هنا يقبل السجود ولا يرفضه ، فهو اذا المعنّي والمقصود بالسجود، فهو الله الظاهر في الجسد.
وتعالوا احكي لكم موقف مشابه بقصة رمزية للتوضيح ، تخيل معي ان هناك طبيب ذهب الى قرية، وحاول اقناع الناس ان يأتوا بالمرضى عنده للعلاج لانه طبيب درس الطب، ولكن الناس في القرية بسطاء وجهلة ويذهبون الى حلاق البلدة، الذي يشيع في القرية ان هذا الطبيب ليس طبيبا، ثم جاء احدهم ذات يوم يشتكي من مرض يؤرقه ويؤلمه، وذهب الى الطبيب وقال له ايها الطبيب عالجني، فقال له الطبيب (لماذا تدعوني طبيبا .؟ الا تعلم انه ليس هناك طبيب الا الذي تخرج من كلية الطب ويحمل شهادة خاصة بذلك)؟؟، والان هل يستطيع احد ان يقول ان سؤالا مثل هذا ينفي عن الطبيب صفته؟؟ ام انه يؤكدها ويريد اثباتها باعتراف صريح من القادم اليه انه يقولها عن اقتناع كامل وليس من منطلق السخرية او التهكم
هكذا نفس الحال ، فالمسيح وهو الله في الجسد ، تحاور مع اليهود مرارا وتكرارا وقد اثبت لهم بالاقوال والافعال لاهوته ، وكما رأينا في الدراسات السابقة انهم ارادوا قتله ورجمه لانه يعادل نفسه بالله (يوحنا 5: 18) ، ولهذا فالرجل عندما جاء الى المسيح وجثا، اراد المسيح ان يتأكد انه يقول ويفعل شيئا مقتنعا به (لماذا تدعوني صالحا ، ليس احدا صالحا الا واحد وهو الله) ، والان الى الاستشهاد النهائي الذي نثبت فيه ان المسيح يقول عن نفسه انه الوحيد الذي له صفة الصلاح حين قال مرتين عن نفسه (انا هو الراعي الصالح) (يوحنا 10 : 11و 14)
اذا المسيح لم يكن ينفي عن نفسه انه الوحيد المستحق لقب (الصالح) الذي لا يلّقب به الا الله، ولكنه كان يستفهم من الشاب ، هل تعترف بهذا يقينا بالقلب والادراك ؟ لقد اتيت وسجدت لي، وانت تعرف ان السجود لا يجوز الا لله فقط، وها أنت تلقبني بالصالح، وانت تعرف ايضا ان الصالح الوحيد هو الله ، فهل تفعل وتقول هذا اعترافا بيّ الله الظاهر في الجسد؟
واليك ملاحظة اخرى: اتفقت البشائر كلها ان السيد يسوع المسيح عندما سأل الشاب عن حفظ الوصايا، فقد سرد له فقط ستة وصايا من اجمالي الوصايا العشر، ومن المعروف لنا ان الوصايا العشر تنقسم الى مجموعتين ، اربع وصايا تختص علاقة الانسان بالله، وستة وصايا تختص بعلاقة الانسان باخيه الانسان .
فاذا كان السيد المسيح يسأل الشاب عن تطبيقه الوصايا المختصة بين علاقة الشاب كانسان مع اخيه الانسان، ولم يسأله عن الوصايا التي تختص الشاب بعلاقته مع الله، فذلك لان السيد المسيح هو الله الظاهر في الجسد، ولذلك فهو لا يسأله عن علاقته بالله، ولكن عن علاقته بالناس، وكأنه يقول (علاقتك بالله انا الذي احاسبك عليها وهي علاقة بيني وبينك) ولكن ماذا عن علاقتك باخوتك ؟؟؟
والآن ، وبعد ان عرفت ان هذا ليس نفي لاهوت المسيح ، هل تعترف به ربا ومخلصا ، ام سوف تظل تعاند وترفض ؟؟؟
(لكن ماذا يقول.الكلمة قريبة منك في فمك وفي قلبك اي كلمة الايمان التي نكرز بها. لانك ان اعترفت بفمك بالرب يسوع وآمنت بقلبك ان الله اقامه من الاموات خلصت. لان القلب يؤمن به للبر والفم يعترف به للخلاص.)
(روميه 10 : 8- 10)
0 التعليقات:
إرسال تعليق