نعم صدقوني لقد كسبت عشرة ملايين جنيهاً إسترلينياً مرة واحدة
وبلحظة واحدة
ودون أن ابذل جهدا يذكر
فمن لديه دين عندي فليعجل بمطالبتي به قبل أن تنفد هذه الملايين العشرة وفق لما خططت له من أجل صرفها والتمتع بها في حياتي المقبلة!!! 
صبرا علي ودعوني احكي لكم قصة هذه الملايين التي كسبتها..
الحكاية بدأت في منتصف الأسبوع الماضي وقبل فقدان بريدي الأثير بيوم واحد يومها وجدت في بريدي الالكتروني رسالة تخبرني بأنني ربحت عشرة ملايين جنيهاً إسترلينياً، والمطلوب مني فقط أن ابعث لهم رقم حسابي بالمصرف لكي يتم تحويل هذا المبلغ لحسابي 
وبالرغم من أن الخبر غير منطقي، إلا أن البيانات التي تحتويها الرسالة تؤكد صحته، فهي من شركة أجنبية من بريد معروف!!
و تحمل اسما مألوفا يتردد كثيرا علي الأسماع!!
ثم أن لها مقراً و عنوان وأرقام هواتف واضحة ومحددة، كما تذكر الرسالة!! ولها أيضاً موقع الكتروني نشط يؤكد مصداقيتها!!
ولكن ماذا لو كانت هذه الرسالة مزحة؟ 
بل ما الذي يضمن لي بأنها ليست صادرة من واحدة من شركات غسيل الأموال التي تتعامل مع بنوك أجنبية لغسيل أموالها؟ 
وما الذي يضمن لي بأنها ليست عملية نصب تهدف الي سرقة بقايا ما في رصيدي والاستيلاء عليه؟ 
ورغم كل هذه المحاذير إلا أنني لم استطع أن امنع نفسي من التفكير في تحولي فجأة الي مليونيرة تلعب بالنقود لعبا، وأنعشت هذه الفكرة خيالي وعشت لحظات سعادة هبوط هذه الملايين فجأة علي، وألهب الخيال عقلي وبدأ يعمل بسرعة (مليون فكرة فى الثانية)
فحلمت بتغيير حياتي من جذورها
وحلمت بعمل مشروع كبير مضمون الربح، يعمل به عدد كبير من أهلي وأقاربي وأصحابي و أحبابي بمرتبات عالية تتحدي (قانون 15) 
ورتبت، في خيالي طبعاً، مكان إقامتي الجديد
واشتريت سيارتي الجديدة التي احلم بها
ونظمت رحلات لدول ومناطق احلم بالتجوال فيها وقضاء أجازاتي ونهايات الأسابيع القادمة من حياتي بها 
واشتريت كميات من الملابس التي كنت احلم بامتلاكها 
... و.. و... وأفكار كثيرة غزت نفسي وداعبت أحلامي!!!!!
يا الله لم أكن اعرف بأن للمال تأثير قوي علي النفس هكذا!!
فبالرغم من أنني أؤمن بأن الحياة خطوات وسلم يجب أن اجتهد حتى اصعده، إلا أن هذه الرسالة فاجأتني بوجود مصعد الكتروني اخذ عقلي وقلبي وصعد به لادوار عاااااااالية جدا 
لكنه وبنفس السرعة التي صعد بها الي فوق، نزل بي الي أسفل
إذ حينما راسلت هذه الشركة اكتشفت بأنها تطلب مبلغا معينا لإتمام الإجراءات, عندها أدركت بأنها شركة نصب علي السذج الحالمين بالثراء السريع، فلماذا لا تستقطع هذا المبلغ من قيمة الجائزة طالما أن المال لديها 
أنا متأكدة بأنني حينما ابعث هذا المال حتما سيسرق مني ما تبقي في رصيدي من دريهمات، رغم أنني فعلا قد سرقت.
حقيقة لم يسرق منى مال 
ولكن سرق مني شعوري بالرضا عن حياتي وعملي ومستوى معيشتي 
سرقت منى كل أحلامي الصغيرة
وانتظاري المتلهف لمرتبي واستماراتي التي اعرف بأنني لن احصل عليها. 
سرقت مني فرحتي بسيارتي حينما يدور محركها في الصباح
وسرقت مني أيضا فرحتي بشقتي الدافئة
سرقت مني فرجتي بحصولي علي ثياب بالواني المفضلة ومقاسي المناسب 
لقد كانت كل هذه الأشياء مصدر لسعادتي، لكنها لم تعد كذلك بعد حلم الملايين
حقا إن درجات السلم أكثر أمانا، فهي لن تهبط أو تسقط بي فجأة، 
إلا أن مصعد الملايين به كثير من المغامرة والإثارة والمتعة الخفية
فهل سأكون سعيدة لو امتلكت كل تلك الأموال كما أنا الآن؟؟ 
هى توبة نصوح ودرس مستفاد فلن افتح، بعد اليوم أي رسالة لا اعرف مصدرها. 
دعوني في حالي الآن
فانا أريد أن اجلس وحيدة وأعيد من جديد حساباتي
أريد أن استعيد شعوري بجمال كل شيء من حولي كادت تلك الرسالة اللعينة أن تعميني عنه، وتغلق قلبي وتحرمني من متعة الانتظار.