عظات مكتوبة لقداسة
البابا شنودة الثالث - التاريخ: عظة الأربعاء 10-8-2011 في الكاتدرائية المرقسية
الكبرى بالعباسية
القديسة العذراء مريم
بمناسبة صوم العذراء
أريد أن أكلمكم في هذه الليلة عن القديسة العذراء مريم.
انتظر العالم ميلاد
السيدة العذراء طويلًا:
حينما نتكلم عن السيدة
العذراء، لابد أن نرجع إلى أيام أمنا حواء. وإلى وعد الرب لها أن نسل المرأة يسحق
رأس الحية. فظل العالم ينتظر من هي هذه المرأة التي نسلها سيسحق رأس الحية؟! وكانت
كل امرأة تلد بنين تحزن جدًا أنها ستفقد هذا المجد العظيم، مجد أن من نسلها يأتي
الفادي العظيم الذي سيسحق رأس الحية. إلى أن جاء إشعياء النبي وضيق الدائرة فقال:
"هوذا العذراء تحبل وتلد ابنًا, وهذا الابن سيكون رئيس الحياة" ونص
الآية: "هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ «عِمَّانُوئِيلَ»"
(سفر إشعياء 7: 14). فظل الناس ينتظرون من هي هذه العذراء التي منها سيولد الفادي
العظيم.
ملء الزمان:
أجيال كثيرة ظلت تنتظرها
وتنتظر ملء الزمان الذي تكون فيه هذه المرأة ويولد منها الرب. وكلمة "ملء
الزمان" ذكرت في رسالة غلاطية: "وَلكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ
الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُودًا مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُودًا تَحْتَ
النَّامُوسِ" (رسالة بولس الرسول إلى أهل غلاطية 4: 4). هذه التي يولد منها
الرب ستكون أعظم امرأة في العالم.
السيدة العذراء هي أعظم
امرأة في العالم:
قد اختار الله من كل
نساء العالم هذه الإنسانة التي ستكون أعظم امرأة. ويقول الكتاب: "نساء كثيرات
نلن كرامات ولم تنل مثلك واحدة منهن" ونص الآية: "بَنَاتٌ كَثِيرَاتٌ
عَمِلْنَ فَضْلًا، أَمَّا أَنْتِ فَفُقْتِ عَلَيْهِنَّ جَمِيعًا" (سفر
الأمثال 31: 29).
صورة في موقع الأنبا
تكلا: صعود جسد العذراء مريم بعد نياحتها، أيقونة حبشية من كنيسة القديسة مريم
سيدة قسقام، جوندر، الحبشة، من صور رحلة موقع الأنبا تكلاهيمانوت لإثيوبيا عام 2008
- والكنيسة مُسماة تيمنًا باسم مكان دير المحرق في مصر - تصوير مايكل غالي لـ: موقع
الأنبا تكلا، إبريل - يونيو 2008
ألقاب السيدة العذراء:
هذه التي ستأتي لقبوها
بألقاب كثيرة:
1- سلم يعقوب:
لقبوها بسلم يعقوب
الواصل بين السماء والأرض، تصعد عليه الطغمات وتنزل بالاستجابات.
2- الحمامة الحسنة:
لقبوها بالحمامة الحسنة.
ولقب "الحمامة الحسنة" يذكره الكاهن باستمرار وهو خارج من الهيكل ليبخر.
فعندما يبخر عند العذراء يقول: "السلام لك أيتها الحمامة الحسنة".
ولماذا لقب "الحمامة
الحسنة"؟ الحمامة التي أتت لنوح ببشارة الخلاص أن موجة الطوفان قد انتهى
وعادت الحياة إلى الأرض فأحضرت معها غصن الزيتون.
الحمامة الحسنة أيضًا في
بساطتها ونقاوتها. ولذلك في سفر النشيد يقول: حبيبتي عيناها حمامتان، ونص الآية:
"هَا أَنْتِ جَمِيلَةٌ يَا حَبِيبَتِي، هَا أَنْتِ جَمِيلَةٌ. عَيْنَاكِ
حَمَامَتَانِ" (سفر نشيد الأنشاد 1: 15).
لذلك سميت العذراء
بالحمامة الحسنة.
3- المجمرة الذهبية:
وسُميت العذراء أيضًا
بالمجمرة الذهبية. والمجمرة أي الشورية، وهذا تعبير لاهوتي، وذلك لأن الشورية نجد
داخلها الفحم متحد بالنار وينتج عن هذا الاتحاد رائحة بخور ذكية. "الفحم"
يرمز للجسد أو الطبيعة الإنسانية، و"النار" ترمز للاهوت كما قيل: إلهنا
نار. "لأَنَّ إِلهَنَا نَارٌ آكِلَةٌ" (رسالة بولس الرسول إلى
العبرانيين 12: 29). وهي مصفحة بالذهب من الداخل والخارج رمز لقيمتها العظيمة.
4- تابوت العهد:
شبهوها أيضًا بتابوت
العهد المُغشى بالذهب من الداخل والخارج، رمز لقيمته العظيمة، حيث أن بداخل تابوت
العهد كان يوجد قسط المن الذي يرمز للسيد المسيح ويوجد أيضًا لوحا الشريعة وقد
سُميَ المسيح كلمة الله.
لذلك في التجسد حيا
جبرائيل رئيس الملائكة السيدة العذراء بتحية الإكرام والإجلال قائلًا: السلام لك
أيتها الممتلئة نعمة، الرب معك. وعندما سألته عن سر هذه التحية قال لها: سيولد منك
ولد ويجلس على كرسي داود أبيه ولا يكون لملكه انقضاء. فقالت له: كيف لي هذا وأنا
لست أعرف رجلًا. قال لها: الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك، لذلك القدوس
المولود منك يدعى ابن الله.
الروح القدس حل على
السيدة العذراء حلولًا أقنوميًا | الحبل بلا دنس وقت الحبل فقط:
لم يحل الروح القدس على
السيدة العذراء حلولًا عاديًا مثل المواهب والنعمة ...إلخ، وإنما حل حلولًا
أقنوميًا لأنه سيوجد من جسدها ابن، وهذا عمل اللاهوت. وأيضًا ليقدس مستودعها حتى
أن المولود منها لا يرث خطية، ويصبح حبلها بالمسيح حبلًا بلا دنس.
لم يحدث أن يحل الروح
القدس على أي إنسان (رجلًا كان أو امرأة) حلولًا أقنوميًا. لذلك نحن نقول عن
المسيح أنه تجسد من الروح القدس ومريم العذراء وتأنس.
5- السيدة العذراء أم
الله وأمنا جميعًا:
وبهذا الشكل هناك تمجيد
للسيدة العذراء: أولًا لأنها والدة الإله "ثيئوطوكوس" كما قرر المجمع
المسكوني. وثانيًا: هي أم لجميع الرسل لأن السيد المسيح على الصليب قال ليوحنا
الحبيب: هذه أمك. وقال لها: هذا ابنك. فأصبحت أم للرسول وبالتالي أم لجميع الرسل. وإن
كانت السيدة العذراء أم للرسل ونحن أبناء للرسل، تكون هي أمنا كلنا. أمنا جميعًا
ونحن نسبحها قائلين: أمنا القديسة مريم.
- السيدة العذراء هي
الملكة:
هي ليست أمًا وإنما هي
أيضًا ملكة، وهذا من عظمتها. ويقول عنها الكتاب: قامت الملكة عن يمينك أيها الملك،
ونص الآية: "جُعِلَتِ الْمَلِكَةُ عَنْ يَمِينِكَ بِذَهَبِ أُوفِيرٍ" (سفر
المزامير 45: 9). ولذلك صورة العذراء الطقسية تكون عن يمين المسيح وعلى رأسها تاج
وعلى رأسه هو تاج (الملكة على يمين الملك).
0 التعليقات:
إرسال تعليق