العذراء عروس الله.
"هاأنت جميلة يا حبيبتى. ها أنت
جميلة عيناك حمامتان" (نش 15:1)،
"كلك جميل ياحبيبتى ليس فيك عيبة"
(نش 7:4)، "قد سبيت قلبى ياأختى العروس.. قد سبيت قلبى ما أحسن حبك ياأختى
العروس.. شفتاك يا عروس تقطران شهداً، تحت لشانك عسل ولبن ورائحة ثيابك كرائحة
لبنان، أختى العروس جنة مغلقة عين مقفلة، ينبوع مختوم" (نش 9:4-12).
لم تكن العذراء فقط أم الله "طوبى
البطن الذى حملك والثديين اللذين رضعتهما" (لو 27:11)، بل هى أيضاً عروس الله
وصديقته التى كانت "تحفظ كلامه فى قلبها" (لو 51:2)، لذلك فقد نالت
الطوبتين "إن القديسة مريم استحقت التطويب من اجل إيمانها بالمسيح أكثر من
ونها حبلت به، إن صلة أمومتها بالمسيح لم تعطها أى ميزة.. الميزة الحقيقية التى
للقديسة مريم، هى فى كونها حملت المسيح فى قلبها ولى فى بطنها" أغسطينوس.
لقد خضعت العذراء فى حى وفرح "هأنذا
أمة الرب ليكن لى كقولك" (لو 38:1). واحتملت سيوفاً كثيرة "وأنت يجوز فى
نفسك سيف لتعلن أفكا من قلوب كثيرين" (لو 35:2).
ولكنها فى هذه لكها كانت أنموذجاً
رائعاً للاحتمال والهدوء والوداعة.. صم صاغت هبرتها هذه فى عبارة نصيحة لكل
الأجيال "مهما قال لكم فافعلوه" (يو 5:2).
نعم يا أمى الطاهرة سأطيع أبنك واخضع
لتدبيره.. هوذا أنا عبد للرب ليكن لى كقولك وكتدبيرك لحياتى وكخطتك لى قبل أن أولد
وليتمجد اسمك القدوس فى وفى كنيستك.
وأنت يا أمى المحبوبة..
أتوسل إليك يا حبيبتى العروس.. اسنيدينى
بعطفك لكى أتمم مشيئة ابنك فى.. ولكى اخضع لصوته الإلهى. دون تردد أو تذمر أو
إحجام.
وأتمم عمله فى دون عائق أو مانع.. مجداً
وإكراماً للثالوث القدوس وسلاماً وبنياناً لكنيسة الله. العذراء صديقة الإنسان.
لقد فشلت حواء أن تكون "أم كل
حى" (تك 20:3) لأنها جلبت علينا حكم موت فصار كل مولود منها ومن نسلها ابناً
للموت ووقوداً للهلاك، ولن مريم العذراء صارت وسيلة وسلماً ينزل عليه الله الحى.. لكى
يحيى جنس البشر.. يحينا عندما نتحد به فى تجسده بواسطة المعمودية والافخارستيا
فنصير أيضاً أعضاء فيه.. ونصير أيضاً أبناء لمريم بسببه.. وهكذا تصير العذراء مريم
(أم جميع الأحياء) وتصير بالحق (حواء الثانية) ورفعت من شأن جنسنا (أنت بالحقيقة
فخر جنسنا) وصارت لنا شفيعة ترفع احتياجاتنا لابنها الحبيب، "ليس لهم خمر"
(يو 3:2) وتتوسط لديه لغفران خطايانا ولكى يسندنا فى جهادنا وتوبتنا وفى خدمتنا
ونمونا.
إن العذراء عندما رفعت احتياج الناس
لابنها (ليس لهم خمر) لم تكن تلفت نظره إلى حدث فاته ولم تكن تحاول الحصول على
موافقة صعبة ولكن وساطتها تكون بسبب اتحاد قلبها الرقيق برحمة ابنها وشفقته
وموقفها النبيل يعبر عن محبة ابنها وحنانه غير المحدودين إنها وهى الأم التى تعرف
قلب الابن تفجر فيه ينابيع الحب تجاه البشر وتشفع فينا لتستجلب مراحم الله الصادقة
ولكنها أيضاً فيما تشفع فينا توجهنا أن نطيعه "مهما قال فافعلوه" (يو 2:5).
فرسالة العذراء لنا أن نطيع ونخضع وننفذ مشيئة الله فيا ونحن دائماً الرابحين لأن
إرادة الله لحياتنا هى دائماً للخير والبنيان.
"ونحن نعلم أن كل الأشياء تعمل
معاً للخير للذين يحبون الله الذين هم مدعوون حسب قصده" (رو28:8).
فطوبى للنفس التى تخضع للمسيح،
ستستفيد بشفاعة العذراء. وطوبى للقلب الذى يعشق المسيح، ستكون العذراء سنده. وطوبى
لمن جعل المسيح منتهى أمله، ستحضر العذراء إليه عند انفصال نفسه من جسده.
لقد صارت العذراء أماً لكل البشرية
عندما قرر المسيح على الصليب مخاطباً إياها بخصوص يوحنا الحبيب "يا امرأة
هوذا ابنك" (يو 26:19) وليوحنا "هوذا أمك" (يو 27:19) لم يكن يوحنا
هنا إلا نموذجاً للبشرية المخلصة المحبوبة والتى ترافق السيد حتى فى آلامه.. إن كل
نفس تشارك المسيح صليبه وترافقه فى آلامه تنصير ابناً للعذراء إن مكان لقاء
العذراء مع يوحنا وارتباطها برباط الأمومة والبنوة كان أمام الصليب يا سيدى هبنى
صليباً يجعلنى ابناً لأمك.. إن كل آلام الصليب تهون واستخفت بها... فى مقابل أن
أكون ابناً لأمك البتول آخذها إلى خاصتى (يو 27:19) وتصير معى فى مسكنى تشاطرنى
الأكل والصلاة... النوم والسهر الخدمة والخلوة... كأم معينة ومنقذة فى الشدائد.
0 التعليقات:
إرسال تعليق